في حكم العمل في ورشةٍ كلُّ أدواتها من القروض الربوية
للعلامة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي #فركوس
____________
الــســـؤال
هل يجوز لي أن أعمل في ورشةٍ اشترى صاحبُها الآلاتِ اللازمةَ عن طريق القرض من بنكٍ ربويٍّ؟ وبارك الله فيكم شيخَنا.
الـــجــواب
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإذا كان صاحب الورشة حاز هذه الآلاتِ عن طريق القروض الربوية وهو يعلم ذلك وغيرُ مستاءٍ مِن فعلِه ولا مُنْكِرٍ لخساسة صنيعه؛ فإنه يتحاشى العملَ عنده لكونه لا يكترث لفعلِ الحرام ولا يبالي لارتكابه المنكرات، ومن كان كذلك يجب الابتعاد عنه لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ»(١)، وفي روايةٍ: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِئَاتِ»(٢)، والمراد بالسيِّئات ما نهى اللهُ عنه وأهلُها ومرتكبوها، ولقوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدَّثِّر: ٥]، أمَّا إذا حصَّل على هذه الآلاتِ وهو لا يعلم الحكم وندم على صنيعه هذا بعد علمِه به وتمنَّى لو أنه ما باشر هذا العمل الربويَّ؛ فإنَّ هذا العامل -والحال هذه- إذا احتاج إلى العمل ولم يجد عملاً آخر جاز له العمل عنده مع قيام النكير على صنيعه -ولو بأضعف الإيمان- لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا -وَقَالَ مَرَّةً: أَنْكَرَهَا- كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا»(٣).
ويدخل في هذا المعنى -أيضًا- مِن جوازِ عمل العامل -لقيام مقتضى الحاجة- العملُ عند مَن عَلِم حُكْمَ التحريم ونَدِمَ على صنيعه ولم يجد سبيلاً لإبطال العقد الربويِّ بالرجوع إلى ما كان عليه المتعاقدان قبل التعاقد، إذ لم يُسعفه بذلك القضاء الوضعيُّ.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفِّقنا وإيَّاك لِما يحبُّ ويرضى، وأن يسدِّد خُطانا ويثبِّت أقدامَنا على الحقِّ، إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.